السبت 26 أبريل 2025 09:07 مـ 27 شوال 1446 هـ
اقرأ الخبر
رئيس التحرير هبة عبد الحفيظ
×

قضية عمرها 6 سنوات: لماذا أعاد البعض نشر محاكمة طفل بتهمة ”بوسة”؟

الجمعة 25 أبريل 2025 03:50 مـ 26 شوال 1446 هـ
براءة طفل من تهمة تقبيل زميلته بالحضانة.. قضية من 2017 - اقرأ الخبر
براءة طفل من تهمة تقبيل زميلته بالحضانة.. قضية من 2017 - اقرأ الخبر

منذ ساعات، أعادت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي نشر قصة غريبة أثارت حينها موجة من السخرية والجدل، وتتعلق بمحاكمة طفل يبلغ من العمر أربع سنوات بتهمة "تقبيل زميلته في الحضانة".

لكن اللافت أن القصة ليست جديدة على الإطلاق، بل تعود إلى ديسمبر 2017، أي قبل أكثر من ست سنوات.

فما سر عودتها المفاجئة للواجهة وكأنها قضية حديثة؟ وهل الهدف هو صناعة "تريند" زائف وجمع الإعجابات والمشاهدات على حساب الدقة؟

هل نحن أمام إعادة تدوير للغضب؟

في كل مرة يعود فيها هذا النوع من القصص إلى التداول، يتفاعل معها آلاف المستخدمين بتعليقات غاضبة أو ساخرة، دون أن يتوقف كثيرون عند تاريخ القصة أو مدى دقتها. ما يطرح تساؤلًا مشروعًا: هل تحول بعض صنّاع المحتوى إلى صائدي قصص قديمة لإعادة تدويرها فقط من أجل كسب التفاعل؟ وهل يبرر السعي خلف "الترافيك" أن نُشعل نقاشات قديمة ونتعامل معها كأنها تحدث الآن؟

تفاصيل القضية كما وقعت عام 2017

شهدت محكمة الأحداث بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة واقعة غير مألوفة، حين وقف طفل يبلغ من العمر 4 سنوات أمام القاضي بعد اتهامه بالاعتداء على زميلته في الحضانة.

تعود القصة إلى 6 ديسمبر 2017، عندما تلقى مدير أمن البحيرة آنذاك، اللواء علاء الدين عبد الفتاح، بلاغًا من والد الطفلة "م.م.ش" (4 سنوات) يتهم فيه زميلها محمد سامح مدكور بضربها داخل حضانة مدرسة عبد العظيم بدوي الابتدائية بحوش عيسى، مما تسبب في إصابتها. وتم تحرير محضر بالواقعة تحت رقم 10 لسنة 2018 أحداث البحيرة، وأحيل البلاغ إلى النيابة التي بدورها أحالته إلى محكمة جنح حوش عيسى، ثم إلى محكمة أحداث دمنهور بدعوى عدم الاختصاص.

وخلال جلسة المحاكمة، سادت حالة من الدهشة في القاعة، بسبب صغر سن المتهم، وهو ما عبر عنه القاضي نفسه، عندما فوجئ بالطفل أمامه، وقال لوالده: "خد ابنك وامشي" بعد أن صافحه وضحك.

روايتان متضادتان.. وبوسة سبب الأزمة

من جانبه، قال سامح مدكور والد الطفل المتهم، ويعمل صاحب معرض سيارات، إن البلاغ كيدي، وأن ابنه لم يعتدِ على الطفلة، بل قام فقط بتوديعها بقبلة، وهو ما أثار غضب والدها، خصوصًا في ظل وجود خلافات سابقة بينه وبين جدة الطفل، التي تعمل بالمدرسة نفسها. وقد قدم والد الطفل تقريرًا طبيًا يوضح أن إصابات الطفلة ناتجة عن سقوطها، وليس نتيجة اعتداء.

وأكد أن القضية استمرت أكثر من 5 شهور في أروقة المحاكم، رغم عدم منطقية اتهام طفل غير مميز، لا تتجاوز سنه الأربع سنوات، قائلًا: "ابني كان هيروح السجن علشان بوسة أطفال".

رأي الدفاع: "هو فيه طفل لابس بامبرز يتحاكم؟"

عماد عبد الله، محامي الطفل، أكد أن ما جرى غير منطقي، لأن الطفل المتهم "غير مميز" قانونًا، ولا يجوز محاكمته جنائيًا. وقال: "النيابة كان يجب أن تحفظ التحقيق فورًا، لا أن تحيله إلى الجنح ثم الأحداث".

كما نفى المحامي ما تم تداوله على مواقع التواصل عن "تحرش جنسي"، موضحًا أن المحضر الأصلي لم يتضمن أي اتهام سوى الضرب، وأن الدافع الحقيقي للبلاغ هو خلافات العمل، لا أكثر.

لماذا نعود إلى هذه القصة الآن؟

القضية، كما ثبت لاحقًا، لا تحمل جديدًا. تم تبرئة الطفل، وحفظ القضية بسبب عدم أهلية المتهم للمحاكمة. فما المغزى من إحيائها بعد ست سنوات؟

ربما لأن الغرابة والدهشة تصنع "مادة قابلة للانتشار"، وربما لأن بعض الصفحات لم تعد تفرّق بين "القصة المثيرة" و"الحقيقة الزمنية"، طالما أن النقرات والإعجابات تتزايد. لكن هذا يطرح سؤالًا أعمق: هل أصبح التفاعل هدفًا بحد ذاته حتى لو كان على حساب المصداقية.

لهذ، إذا أعجبتك أي قصة، فتأكد من السؤال دومًا: هل هي جديدة؟ أم مجرد تريند قديم نُفِخ فيه من جديد؟