”رمضان فوق البركان”: الألعاب النارية تحصد العيون والأرواح.. والداخلية تكثف الحملات

لم يكن محمد، الشاب ذو الـ16 عامًا، يتوقع أن لحظة عابرة ستغير حياته إلى الأبد. أثناء عودته من صلاة العشاء في منطقة كرداسة بالجيزة، استقل دراجته النارية ومعه ابن شقيقته الصغير، لكنه فوجئ بمقذوف ناري طائش من الألعاب النارية يصيبه مباشرة في عينه اليمنى.
"ابني كان راجع من المسجد، وفجأة لقى قدامه مقذوف ناري طائش، ضرب في عينه اليمين، انفجرت القرنية، ودلوقتي في العمليات بمستشفى قصر العيني"، هكذا تحدث والده بصوت يملؤه الحزن، مؤكدًا أن نجله كان طالبًا مجتهدًا في الثانوية الأزهرية، يحلم بمستقبل واعد، لكن الحادث قد يحرمه من الرؤية مجددًا.
وفي قنا، لم يتوقف الأمر عند الإصابات، بل تطور إلى صراع دموي. قرية جزيرة دندرة شهدت مشاجرة عنيفة بين عائلتين بسبب الألعاب النارية، لكن سرعان ما تصاعدت الأحداث إلى تبادل للاعتداءات، ما أدى إلى سقوط قتيلين وإصابة ثلاثة آخرين. تدخلت الأجهزة الأمنية بسرعة، وفرضت كردونًا أمنيًا لمنع تجدد الاشتباكات، وتم القبض على 10 أشخاص متورطين في الحادث.
الألعاب النارية.. قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين
مع حلول شهر رمضان، تزداد عادة استخدام الألعاب النارية، خصوصًا بين الأطفال والشباب الذين يعتبرونها وسيلة للتعبير عن فرحتهم. لكن هذه العادة التي تبدو بريئة تحمل في طياتها مخاطر قاتلة، إذ يمكن أن تؤدي إلى إصابات خطيرة مثل فقدان البصر، الحروق، أو حتى الوفاة.
كما تتسبب المفرقعات في اندلاع حرائق في المناطق السكنية، إلى جانب إثارة الذعر بين المواطنين، خاصة الأطفال وكبار السن، فضلًا عن الإزعاج الذي تسببه أثناء أوقات الصلاة والتجمعات العائلية.
حملات أمنية مكثفة لمكافحة الظاهرة
إزاء تزايد المخاطر، كثّفت الأجهزة الأمنية من حملاتها لضبط المتاجرين بالألعاب النارية ومنع تداولها في الأسواق. ففي محافظة قنا، تمكنت الحملات من ضبط 1183 عبوة ألعاب نارية بعد التفتيش على 149 محلًا، كما تم تحرير 17 محضرًا ضد المخالفين وإحالتهم إلى النيابة العامة.
أما في القاهرة، فقد أسفرت جهود الأمن عن ضبط أكثر من مليون قطعة ألعاب نارية متنوعة بحوزة عدد من الأشخاص في مناطق مختلفة، شملت البساتين، المعصرة، منشأة ناصر، المقطم، الزيتون، ودار السلام.
ما الحل لمواجهة الألعاب النارية؟
على الرغم من الجهود الأمنية، لا تزال الألعاب النارية تنتشر على نطاق واسع، ما يستدعي فرض عقوبات أكثر صرامة على المتاجرين بها، ومنع استيرادها أو تصنيعها محليًا.
كما يجب أن تلعب المؤسسات التعليمية والدينية دورًا في توعية الأهالي بمخاطرها، فشراء هذه المفرقعات للأطفال قد يبدو تصرفًا بسيطًا، لكنه قد ينتهي بكارثة مأساوية. وفي نهاية المطاف، تبقى سلامة المواطنين مسؤولية الجميع، وعلى المجتمع ككل أن يتكاتف لمواجهة هذه الظاهرة قبل أن تحصد المزيد من الضحايا.