رصد ”بارجات غزو” صينية خلال تدريبات لأول مرة.. إليكم القصة كاملة

رُصدت بوارج صينية ضخمة، توصف بأنها شبيهة بسفن إنزال الحلفاء خلال إنزال النورماندي عام 1944، أثناء تدريبات بحرية في بحر الصين الجنوبي. وأظهرت لقطات مصورة استخدام البحرية الصينية لهذه البوارج الخاصة، التي قد تلعب دورًا حاسمًا في حال تنفيذ غزو شامل لتايوان، وفقًا لتحليلات خبراء الدفاع.
تصميم مستوحى من إنزال النورماندي
تُعرف هذه السفن باسم "بوارج شويتشياو" (Shuiqiao)، وتتميز بجسور طويلة قابلة للامتداد يصل طولها إلى 120 مترًا، مما يمكنها من تفريغ الدبابات والمركبات القتالية والمعدات الثقيلة والقوات بسرعة على الشواطئ المعادية. كما قد تتيح هذه الجسور تجاوز الدفاعات الساحلية أو الوصول إلى شواطئ كانت تُعتبر سابقًا غير مناسبة للإنزال البرمائي.
في السنوات الأخيرة، كثفت الصين ضغوطها العسكرية على تايوان، التي تعتبرها جزءًا من أراضيها، من خلال نشر سفن حربية ومقاتلات لمحاكاة الحصار والهجوم المحتمل على الجزيرة.
تصنيع سريع وإخفاء معلوماتي
كان محللون في المصادر المفتوحة قد رصدوا سابقًا بين ثلاث وخمس بوارج من هذا النوع قيد البناء في حوض بناء السفن في مدينة قوانغتشو بجنوب الصين. وأفاد تقرير لموقع Naval News بأن كل سفينة استغرقت بضعة أشهر فقط لإكمالها، رغم أن تطويرها بدأ منذ عام 2022.
تم تصوير هذه البوارج لأول مرة بالقرب من مقر البحرية الصينية في مدينة تشانجيانغ بمقاطعة قوانغدونغ، التي تبعد نحو 600 ميل عن تايوان، وانتشرت اللقطات عبر منصات التواصل الاجتماعي الصينية قبل أن يتم حذفها لاحقًا.
تحذيرات من غزو وشيك
يرى المحلل البحري HI Sutton، الذي كان أول من أبلغ عن هذه البوارج في يناير، أنها تبدو "مصممة خصيصًا لهجوم برمائي"، معتبرًا أنها قد تكون "إشارة مبكرة" على نوايا الصين بشأن غزو تايوان.
وقال ساتون في Naval News:
"من الممكن تبرير هذه السفن على أنها ذات استخدامات مدنية، ولكن بناء هذا العدد الكبير منها، بحجم أكبر بكثير من السفن المدنية المشابهة، يجعل هذه الفرضية غير قابلة للتصديق."
بدورها، ترى الباحثة في مجال القوة البحرية إيما سالزبري أن هذه البوارج قد تكون القطعة المفقودة في خطة الغزو الصيني. وصرّحت لصحيفة The Telegraph قائلة:
"أحد التحديات الأساسية للصين في غزو تايوان هو نقل المعدات الثقيلة عبر المضيق، وهذه البوارج تبدو وكأنها الحل لهذه المعضلة."
وأضافت أن هذه السفن قد تكون مثالية لنقل الدبابات والمركبات المدرعة إلى الشواطئ بسرعة وأمان، رغم صعوبة عمليات الإنزال في المناطق التي تشهد مقاومة.
رسائل استراتيجية وتحذيرات من واشنطن وتايبيه
تشير سالزبري إلى أن سماح بكين بنشر معلومات حول هذه البوارج يسلط الضوء على التهديد الذي تشكله الصين في المنطقة.
كما أن هذه السفن تؤدي دورًا مشابهًا لنظام JLOTS الأمريكي (Joint Logistics Over-the-Shore)، وهو رصيف عائم استخدمته الولايات المتحدة في محاولة فاشلة لتوصيل مساعدات إلى غزة العام الماضي، حيث لم يستمر سوى 20 يومًا بسبب مشاكل الطقس والتقنية والأمن.
إلا أن النسخة الصينية قد تعاني أيضًا من نقاط ضعف مشابهة، إذ قد تكون عرضة للرياح العاتية والأمواج العالية، فضلاً عن كونها هدفًا سهلًا للتدمير في حال غزو تايوان، بحسب تيموثي آر. هيث، الباحث البارز في مؤسسة RAND للأبحاث الدفاعية.
وقال هيث لصحيفة The Telegraph:
"هذه البوارج بطيئة الحركة وسهلة الاستهداف، لذا فمن غير المرجح أن تصمد خلال معركة على الشواطئ."
وأضاف أن جيش التحرير الشعبي الصيني يمتلك بالفعل سفنًا هجومية برمائية متطورة وقادرة على تنفيذ مهام إنزال المركبات المدرعة بطريقة أكثر كفاءة، ما يجعل البوارج الجديدة أقل جدوى عسكريًا.
من جانبه، يرى توم شوغارت، المحلل الدفاعي والقائد السابق في البحرية الأمريكية، أن هذه التطورات يجب أن تثير قلق تايبيه وواشنطن، حتى وإن لم تكن مؤشرًا على هجوم وشيك. وكتب على منصة X (تويتر سابقًا):
"لا يبدو أن الهجوم بات قريبًا، لكن القلق يجب أن يكون بشأن ما سيحدث عندما يتم اختبار هذه البوارج بالكامل وربما بناء المزيد منها."
سباق تسلح بحري وتصاعد النفوذ الصيني
يأتي هذا التطور في ظل مخاوف متزايدة من توسع الصين البحري السريع، في إطار سعيها للتحول إلى قوة بحرية عالمية.
ووفقًا لتقرير حديث، تمكنت الصين خلال السنوات القليلة الماضية من بناء أسطول بحري يعادل حجم البحرية الملكية البريطانية، متجاوزة الولايات المتحدة في عدد السفن، وقريبة من مضاهاة البحرية الأمريكية من حيث إجمالي الحمولة.
وذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) أن بين عامي 2019 و2023، أنتجت أربعة أحواض بناء سفن صينية – داليان، قوانغتشو، جيانغنان، وهودونغ-تشونغهوا – ما لا يقل عن 39 سفينة حربية، وهو رقم يفوق إجمالي الأسطول القتالي للبحرية الملكية البريطانية.
تشير الدلائل إلى أن الصين تعمل بشكل مكثف على تطوير قدراتها البرمائية، سواء لاستخدامها في الغزو المحتمل لتايوان أو لأغراض أخرى مثل الإغاثة الإنسانية. ومع استمرار بكين في بناء قوتها البحرية بمعدلات غير مسبوقة، تزداد المخاوف في تايوان وواشنطن من إمكانية تحول هذه التطورات إلى تهديد حقيقي في المستقبل القريب.