الجمعة 14 مارس 2025 07:23 مـ 14 رمضان 1446 هـ
اقرأ الخبر
رئيس التحرير هبة عبد الحفيظ
×

فزع الفجر.. حريق في قلب القاهرة كاد يلتهم المعامل المركزية لوزارة الصحة

الجمعة 14 مارس 2025 03:49 مـ 14 رمضان 1446 هـ
حريق المعامل المركزية لوزارة الصحة - اقرأ الخبر
حريق المعامل المركزية لوزارة الصحة - اقرأ الخبر

في الساعات الأخيرة من الليل، حين كانت شوارع القاهرة تهدأ استعدادًا لصباح جديد، اشتعلت النيران فجأة في أكشاك خشبية خلف المبنى الإداري لإدارة التراخيص الطبية بوسط البلد. لم يكن للحريق أن يمر مرور الكرام، خاصة أنه اندلع في وقت السكون، قبيل الفجر، عندما يكون الجميع غارقين في نومهم أو يستعدون ليوم عمل جديد.

لم تمر سوى لحظات حتى بدأ لهيب النار يعلو، وصارت ألسنة اللهب تتراقص في الظلام، ترسل بريقًا مخيفًا في السماء. انتشرت الأدخنة الكثيفة، وحاصرت المنطقة، فأثارت الذعر بين المارة القلائل وسكان الحي الذين أفزعهم المشهد. هلع البعض إلى الشرفات، بينما وقف آخرون في الشوارع يراقبون الحريق الذي بدا وكأنه يتمدد بلا توقف، في تهديد واضح للمباني المجاورة.

استنفار أمني وسباق مع الزمن

لم يكن هناك وقت لإضاعة ثانية واحدة. استنفرت الحماية المدنية، وانطلقت سيارات الإطفاء مسرعة نحو موقع الحادث، مدججة بالمياه والمعدات. فور وصولها، بدأ رجال الإطفاء معركة السيطرة على النيران قبل أن تمتد إلى مبنى المعامل المركزية لوزارة الصحة، حيث الأجهزة الطبية الحساسة التي لا يمكن تعويضها بسهولة.

كان المشهد أشبه بسباق مع الزمن. رجال الإطفاء استخدموا السلالم الهيدروليكية لتتبع الدخان المتسرب بين المباني، محاولين السيطرة على كل بقعة مشتعلة قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة. في الوقت نفسه، انتقل اللواء طارق راشد، مدير أمن القاهرة، إلى الموقع بصحبة قيادات المديرية، لمتابعة جهود الإطفاء والإشراف على العمليات عن قرب.

لم يقتصر التواجد الرسمي على الأمن فقط، بل انتقل فريق من النيابة العامة والمعمل الجنائي إلى موقع الحريق لمعاينته والبدء في التحقيقات الأولية. بدا واضحًا من خلال المعاينة المبدئية أن السبب المحتمل للحريق هو ماس كهربائي اندلع في إحدى الأكشاك، ليمتد سريعًا إلى المقر الإداري للتراخيص الطبية وغرفة إدارية ملحقة بمبنى المعامل المركزية.

هلع وإصابة وسط الدخان الكثيف

ورغم الجهود المكثفة، لم يمر الحادث دون خسائر. سجلت وزارة الصحة إصابة واحدة نتيجة استنشاق الدخان الكثيف، حيث عانى أحد الأشخاص من صعوبة في التنفس وتم إسعافه على الفور.

في المقابل، أكد الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، أن الوزير الدكتور خالد عبدالغفار كان يتابع الحادث لحظة بلحظة، ووجّه بسرعة إرسال عشر سيارات إسعاف إلى الموقع، تحسبًا لأي طوارئ إضافية.

طمأنة بعد الفزع.. لكن ماذا بعد؟

من جانبه، حاول محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر تهدئة المخاوف، مؤكداً أن الحريق لم يمتد إلى المعامل المركزية نفسها، وأن جميع الأجهزة الطبية الحيوية لم تتعرض لأي ضرر. إلا أنه شدد على ضرورة إجراء تقييم هندسي شامل للأضرار، ووجّه بتشكيل لجنة فنية لفحص المباني المتضررة وضمان سلامتها.

مع انتهاء عمليات الإطفاء، استمرت قوات الحماية المدنية في عمليات التبريد لمنع تجدد النيران، بينما بدأ فريق البحث الجنائي في فحص كاميرات المراقبة واستجواب شهود العيان، في محاولة للكشف عن ملابسات الحريق بشكل دقيق.

ومع شروق الشمس، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في وسط القاهرة، لكن آثار الحريق ما زالت شاهدة على ليلة لم تكن كسائر الليالي. هل كان يمكن تفادي هذا الحادث؟ وهل سيتم اتخاذ إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل؟ أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، لكن الإجابة الحاسمة لا تزال تنتظر تحقيقات النيابة وتقارير الجهات المختصة.