كيف تعيد روسيا صياغة استراتيجيتها في حرب أوكرانيا؟

في تحول لافت بساحة المعركة الأوكرانية، كثفت روسيا هجماتها الجوية والصاروخية على مختلف المناطق الأوكرانية، مستهدفة البنية التحتية الحيوية والمدن الكبرى، يأتي هذا التصعيد بعد أسابيع من تعثر العمليات البرية الروسية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان مجرد تكتيك لتعويض الجمود العسكري، أم أنه يشير إلى تحول استراتيجي نحو حرب استنزاف طويلة الأمد.
بحسب تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست، فقد شنت روسيا خلال الأسبوع الماضي أكبر هجوم صاروخي ومسير على أوكرانيا منذ بداية عام 2025.
وشمل الهجوم وابلًا من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، إلى جانب الطائرات المسيرة الانتحارية التي استهدفت مواقع حيوية في أوكرانيا.
وأكد الصحفي العسكري المتخصص ستافروس أتلاماز أوغلو، أن هذا التصعيد جاء رغم امتلاك موسكو اليد العليا عسكريًا ودبلوماسيًا.
وفي خطوة تعكس التقدم الروسي في ساحة المعركة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن استعادة السيطرة على مدينة سودجا، وهي أكبر مدينة في مقاطعة كورسك، بعد معارك شرسة مع القوات الأوكرانية التي كانت قد اجتاحتها منذ أغسطس 2024.
تعتمد موسكو بشكل متزايد على الضربات الجوية والصاروخية بعيدة المدى، باستخدام منصات متنوعة مثل القاذفات الاستراتيجية، المقاتلات، والغواصات.
ووفقًا لتقييم وزارة الدفاع البريطانية، فإن روسيا تستهدف بشكل متعمد البنية التحتية الأوكرانية، خاصة قطاع الطاقة والغاز، في محاولة لاستغلال فصل الشتاء لتقويض الاقتصاد الأوكراني وإضعاف معنويات السكان.
وأوضح التقرير أن "صاروخ كودياك" لا يزال العمود الفقري للهجمات الروسية واسعة النطاق، حيث مكن موسكو من إعادة ملء مخزونها من الأسلحة الدقيقة بفضل فترات التهدئة النسبية خلال العام الماضي.
جاء التصعيد الروسي الأخير بعد فترة من التفاوض بين موسكو وكييف، حيث عقد الطرفان محادثات في السعودية بهدف التوصل إلى تسوية لإنهاء الحرب.
ومع ذلك، فإن هذا الهجوم قد يضعف موقف روسيا دبلوماسيًا، خاصة مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، التي تسعى للحد من التوترات في أوروبا الشرقية.
ورغم الضربات الروسية المكثفة، فإن كييف ليست عاجزة عن الرد، فقد استلمت القوات الجوية الأوكرانية الدفعة الأولى من مقاتلات داسو ميراج 2000 الفرنسية، التي أثبتت كفاءتها في اعتراض الهجمات الجوية الروسية.
وخلال الهجوم الأخير، تمكنت هذه المقاتلات من إسقاط عدة صواريخ كروز روسية، في دليل على تصاعد قدرات الدفاع الأوكراني.
وبحسب أتلاماز، فإن سرعة تزويد أوكرانيا بهذه المقاتلات المتطورة وتدريب طياريها عليها في أقل من عام يعكس مدى استعجال الدول الغربية في تعزيز القدرات القتالية لكييف في مواجهة الهجمات الروسية المتزايدة.