الخميس 13 مارس 2025 11:38 صـ 13 رمضان 1446 هـ
اقرأ الخبر
رئيس التحرير هبة عبد الحفيظ
×

محمد جمال يكتب: خمس محاور لتحليل خريطة استيراد الغذاء بمصر

الإثنين 10 مارس 2025 12:39 مـ 10 رمضان 1446 هـ
محمد جمال باحث فى الشئون الاقتصادية
محمد جمال باحث فى الشئون الاقتصادية

إن اتجاه الدولة المصرية نحو عقد المؤتمر للصناعات الغذائية، وأولها قمة القاهرة، يمكن اعتباره الخطوة السليمة نحو التدخل الحكومي المتكامل لعلاج فجوة الغذاء في مصر.

حيث إن فجوة الغذاء في مصر هي مشكلة تقع في منطقة بينية تتداخل فيها اختصاصات ومسؤوليات وسلطات العديد من أجهزة الدولة التابعة لعدة وزارات، وهي: وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة التموين والتجارة الداخلية، ووزارة التنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

وتتمحور أبعاد هذه المشكلة في عدة محاور، وهي:

المحور الأول: نستورد غذاءنا بأكثر من إنتاجنا

إن توصيف المشكلة الغذائية في مصر يشير إلى أننا ننتج فقط حوالي 40% من غذائنا، ونستورد 60% من احتياجاتنا الغذائية، بغض النظر عن تفاصيل هذه الاحتياجات. وهذا في حد ذاته مكمن الخطورة، حيث إن هاتين النسبتين تجعلان هناك تأثيرًا مضاعفًا على الأسعار بسبب ارتفاع سعر صرف العملة الدولية المستخدمة في الاستيراد (الدولار). ويترتب على ذلك أيضًا التأثر المباشر بمشاكل سلاسل التوريد العالمية، وانعكاسات المشاكل السياسية والاقتصادية والعسكرية على معدلات تدفق الواردات من السلع، ومن ثم معدل توافر السلع الغذائية في الأسواق المصرية.

المحور الثاني: تنامي معدلات الاستيراد الشهرية

يكشف تحليل فاتورة واردات السلع الغذائية عن تنامي معدل الزيادة في حجم وقيمة الواردات الغذائية، بسبب معدل الزيادة السكانية.

فعند مراجعة بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن الزيادة السكانية، نلاحظ زيادة بربع مليون نسمة كل 3 شهور، مما يؤدي إلى نمو حجم الواردات الشهرية من السلع الغذائية بنسبة 5% كل 6 شهور، لتصل حجم الواردات إلى حوالي 34 مليار دولار من يناير إلى يونيو من كل عام.

وبالتالي، نقترب من 70 مليار دولار سنويًا، وهو رقم مخيف إذا قارناه بصادرات مصر السلعية، التي لا تصل إلى 35 مليار دولار، الأمر الذي يجعل هناك إنذارًا شديد الخطورة يتطلب تكاتف كافة الجهود من الوزارات المشاركة في هذه المؤتمرات.

المحور الثالث: حساسية مفردات فاتورة الواردات

إن ترتيب السلع الغذائية التي يتم استيرادها، بعيدًا عن الأرقام الكمية والقيمية ومعدلات زيادتها، يشير إلى أن أهم السلع المستوردة هي: القمح، الذرة، الماشية، القهوة، الشاي، السكر، الأرز، ومنتجات الألبان.

ولا شك أن كل هذه السلع أساسية للمجتمع المصري بكافة فئاته، وهو ما يدعونا إلى ابتكار مجموعة من الحلول المتكاملة، مثل:

التوسع في الزراعة وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

اختصار سلاسل التوريد المحلية.

تنمية وتطوير الأدوار الرقابية.

تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة على المشاركة في سد الفجوة الغذائية.

البحث عن أرخص الأسواق العالمية وعقد شراكات استراتيجية للحصول على الميزة السعرية والجودة وانتظام جداول الاستيراد والشحن والتفريغ.

تشجيع إنشاء الصناعات الغذائية لمن لديهم خبرات في هذا المجال.

المحور الرابع: التوسع في البورصات السلعية

بناءً على المحاور السابقة، فإن من أولى الخطوات للوصول إلى أسعار عادلة وتحقيق توازن في الأسواق، هو التوسع في طرح السلع الغذائية بالبورصة، وإنشاء مراكز لتداول السلع المستوردة، ليس في مصر فقط، بل في الدول التي نستورد منها.

ويمكن البدء بعدد محدود من الدول، ثم يتم التوسع لاحقًا. وبذلك، ستكون تكلفة الاستيراد وأسعار البيع في السوق المصرية عند الحد الذي يمنع استغلال المستهلك، ويحد من التلاعب وجشع بعض أطراف سلاسل التوريد.

المحور الخامس: تطوير عمل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات

إن مفتاح تحقيق العدالة في السوق هو ضمان جودة المنتجات المستوردة، بحيث يحصل المستهلك على سلعة ذات جودة معتمدة تبرر السعر المدفوع.

وفي هذا الصدد، لا بد من اعتماد أكواد مصرية للسلع الواردة والمصدرة، حتى نتمكن من:

كسب أسواق جديدة لمنتجاتنا.

الحصول على منتجات مستوردة تحقق رضاء المواطنين وتشبع احتياجاتهم.

ضمان منافسة عادلة بين المنتجات المحلية والمستوردة، بحيث يحصل المستهلك على الجودة المعتمدة بالسعر العادل.

أخيراً يمكن أن تؤتي كل هذه الجهود ثمارها في زيادة المعروض من السلع الغذائية، مما يخفف من أعباء المواطنين، لكن يبقى التحدي الأكبر في التحكم في حجم الزيادة السكانية، التي تلتهم كل معدلات النمو وتجعلنا في صراع مستمر مع احتياجاتنا اليومية، فبدون وعي المواطنين، لن نتمكن من حل مشاكلنا الغذائية بشكل مستدام.

موضوعات متعلقة