الخميس 13 مارس 2025 11:32 صـ 13 رمضان 1446 هـ
اقرأ الخبر
رئيس التحرير هبة عبد الحفيظ
×

مسلسلات الـ 15 حلقة: بين ترشيد الميزانية ومتطلبات المنصات

السبت 22 فبراير 2025 02:54 مـ 23 شعبان 1446 هـ
الكاتبة مروة علي
الكاتبة مروة علي

في السنوات الأخيرة، شهدت صناعة الدراما العربية تحولًا واضحًا في عدد الحلقات، حيث باتت مسلسلات الـ 15 حلقة تكتسح المشهد، بعدما كانت المواسم الرمضانية تُهيمن عليها الأعمال الممتدة إلى 30 حلقة. هذا التغيير يثير تساؤلات حول أسبابه الحقيقية: هل هو مجرد استراتيجية لتخفيض ميزانيات الإنتاج، أم أنه توجه فرضته المنصات الرقمية وشروط العرض الجديدة؟

التكاليف الإنتاجية والجدوى الاقتصادية

لا شك أن تقليص عدد الحلقات يؤدي إلى خفض الميزانية الإنتاجية للعمل. المسلسلات الطويلة غالبًا ما تتطلب تكلفة عالية من حيث أجور النجوم، مواقع التصوير، الديكورات، والإنتاج الفني. ومع ارتفاع أجور الممثلين والتقنيين، وتحولات السوق، بات المنتجون يبحثون عن طرق أكثر اقتصادية للحفاظ على الجودة الفنية دون تجاوز الميزانيات المتاحة.

إضافة إلى ذلك، تُعد مسلسلات الـ 15 حلقة أكثر مرونة في عمليات التسويق والبيع، سواء للقنوات الفضائية أو المنصات الرقمية. فهي أقل مخاطرة من حيث الاستثمار، خاصة في ظل حالة التشبع الدرامي الذي يعاني منه الجمهور.

متطلبات المنصات الرقمية وتغير أنماط المشاهدة

لا يمكن إنكار أن المنصات الرقمية لعبت دورًا كبيرًا في تغيير شكل الدراما. جمهور المنصات يختلف عن جمهور التلفزيون التقليدي؛ إذ يفضل المشاهد أعمالًا مكثفة وسريعة الإيقاع، بدلًا من المسلسلات المطولة التي قد تتضمن مشاهد حشو وإطالة في الأحداث.

هذا التحول في أنماط المشاهدة دفع المنصات الكبرى مثل “نتفليكس” و”شاهد” و”Watch It” إلى تفضيل الأعمال الأقصر التي تُعرض في وقت أقل، مما يزيد من احتمالية إنهاء المشاهد للعمل كاملًا في جلسة أو جلستين، وهو ما يتماشى مع مفهوم “Binge-Watching” (المشاهدة المتواصلة).

هل انتهى زمن المسلسلات الطويلة؟

رغم النجاح الكبير للأعمال القصيرة، لا يزال هناك جمهور يفضل المسلسلات ذات الـ 30 حلقة، خاصة في المواسم الرمضانية. بعض الأعمال الطويلة تحقق نجاحًا باهرًا، بشرط أن تكون الحبكة قوية ومتماسكة، دون اللجوء إلى المط والتكرار.

بالمقابل، أصبحت مسلسلات الـ 15 حلقة خيارًا مثاليًا للكثير من المنتجين، فهي توفر محتوى أكثر تكثيفًا، وأحداثًا مشوقة دون ملل، بالإضافة إلى أنها تُناسب منصات العرض الحديثة التي تبحث عن محتوى سريع ومؤثر.

الخلاصة

يمكن القول إن التحول إلى مسلسلات الـ 15 حلقة ليس مجرد سياسة لتقليل التكاليف الإنتاجية، بل هو توجه يعكس تغيرات سوق المشاهدة وتأثير المنصات الرقمية. وبينما تفرض هذه الصيغة تحديات على الكُتّاب والمخرجين لضغط الأحداث في إطار مكثف، إلا أنها منحت الدراما العربية روحًا جديدة، وجعلت المشاهد أكثر انخراطًا مع الأعمال المعروضة.