الإثنين 17 مارس 2025 08:33 مـ 17 رمضان 1446 هـ
اقرأ الخبر
رئيس التحرير هبة عبد الحفيظ
×

”محمد سامي” تحت نيران النقد: دراما رمضانية بين الإساءة والتجاوزات

الإثنين 17 مارس 2025 04:38 مـ 17 رمضان 1446 هـ
المخرج محمد سامي
المخرج محمد سامي

• محمد سامي وإهانة المرأة المصرية في "إش إش" و"سيد الناس"!
• "هل تحولت دراما رمضان إلى استعراض للابتذال؟"
• "إساءات بالجملة".. كيف تجاهل محمد سامي قيم الشهر الفضيل

يعود المخرج محمد سامي في رمضان 2025 بمسلسلين أثارا جدلًا واسعًا: “إش إش” و*“سيد الناس”*. ورغم تصدرهما نسب المشاهدة، إلا أن المحتوى الذي قدّمه وُجّهت إليه انتقادات لاذعة، حيث اعتبره البعض إساءة واضحة للمرأة المصرية وتجاهلًا لقيم الشهر الكريم. كما أن أسلوب ردّه المستفزّ على منتقديه زاد الأمور تعقيدًا، ليطرح تساؤلات جوهرية حول مدى مسؤولية صناع الدراما تجاه المجتمع والقيم الأخلاقية.

إساءة ممنهجة للمرأة المصرية

جاء مسلسل “إش إش” كقنبلة موقوتة فجّرت موجة انتقادات حادة، حيث قُدّمت فيه المرأة المصرية بصورة مشوهة ومبتذلة، تدور حول شخصية راقصة تجد نفسها في صدام مع رجل نافذ، وهو ما أعاد إلى الأذهان نمطية الشخصيات التي تقدّم المرأة كسلعة أو وسيلة لتحقيق مكاسب.

الناقدة الفنية سوسن مراد وصفت العمل بأنه “إهانة مباشرة للمرأة المصرية”، مشيرة إلى أن محمد سامي كرّس صورة نمطية متخلفة، متجاهلًا دور المرأة الحقيقي في المجتمع المصري. وأضافت أن المسلسل يفتقد إلى العمق والواقعية، حيث يتمحور حول الصراعات السطحية والإغراءات، بدلًا من تقديم قصص تحاكي واقع المرأة الحقيقية.

أما "سيد الناس", فقد قدّم نموذجًا آخر للإساءة، عبر شخصية الزوجة التي يتم تصويرها على أنها ضعيفة، خاضعة، بلا هوية، لا دور لها سوى تلبية أوامر الرجل، في تكريس صريح لفكر متخلّف لا يتماشى مع الواقع الحديث.

عدم احترام الشهر الفضيل

من أكثر النقاط المثيرة للجدل في أعمال محمد سامي هذا العام، هو توقيت عرضها خلال شهر رمضان، وهو ما اعتبره الكثيرون تجاوزًا للقيم الدينية والاجتماعية. فعرض مشاهد جريئة ورقصات وإيحاءات في أعمال رمضانية، لا يعكس فقط تجاهلًا لخصوصية الشهر، بل يُعدّ استفزازًا واضحًا لمشاعر الجمهور.

روّاد مواقع التواصل الاجتماعي عبّروا عن غضبهم من هذه الظاهرة، حيث انتشرت تغريدات ومنشورات تطالب بوضع قيود على المحتوى الذي يُعرض في رمضان.

وفي هذا السياق، علّقت الناقدة منى عبد الفتاح قائلة:
“ليس كل ما يحقق نسب مشاهدة عالية يُعد نجاحًا، فالمحتوى هو المعيار الحقيقي. تقديم مشاهد لا تتناسب مع طبيعة الشهر الكريم يُعدّ استهتارًا بمشاعر الجمهور، ومحاولة لإثارة الجدل دون تقديم قيمة حقيقية.”

تشابه وتسطيح.. أين الإبداع؟

لم تقتصر الانتقادات على المحتوى فقط، بل امتدت لتشمل التشابه الكبير بين الملصقات الدعائية لمسلسلي “إش إش” و*“سيد الناس”*. فقد لاحظ العديد من المشاهدين والنقاد أن البوسترين متشابهان إلى حد كبير، ما يطرح تساؤلات حول افتقار محمد سامي للإبداع والتجديد.

الناقد الفني أحمد فوزي صرّح بأن:
“التكرار في أعمال محمد سامي بات سمة واضحة، سواء في الحبكات الدرامية أو حتى في التصاميم البصرية. هذا يُظهر عدم وجود رؤية فنية متجددة، وكأن الهدف الأساسي هو تحقيق النجاح التجاري على حساب الجودة.”

أسلوب الردود اللاذعة.. هل يُبرر الفشل؟

في مواجهة الانتقادات، لم يُظهر محمد سامي أي مرونة أو تقبل للرأي الآخر، بل جاء ردّه هجوميًا واستفزازيًا. في إحدى المقابلات التلفزيونية، صرّح بأنه لا يعترف إلا برأي “3 أو 4 نقاد فقط”، في إشارة إلى استبعاده لكافة الآراء الأخرى، سواء من الجمهور أو من النقاد المتخصصين.

هذا الأسلوب المتعالي في الرد زاد من حدة الغضب الجماهيري، حيث اعتبر البعض أن سامي يرفض النقد البناء، ويصرّ على تكرار الأخطاء دون أي محاولة للتطوير.

الناقد حسام عبد الحميد قال:
“محمد سامي يتعامل مع النقد وكأنه مؤامرة ضده، متجاهلًا أن النقد الفني جزء أساسي من الصناعة. عوضًا عن تطوير نفسه والاستفادة من الملاحظات، يلجأ إلى الهجوم والتقليل من آراء الآخرين.”

التأثيرات السلبية على المجتمع

إنتاج أعمال تسيء لصورة المرأة، وتتجاهل قيم المجتمع، وتُكرّس الابتذال، لا يُعدّ مجرد “خيارات فنية”، بل هو أمر ينعكس سلبيًا على الأجيال القادمة. فعندما تُقدّم الشخصيات النسائية بصور نمطية مهينة، ويتم الترويج لأفكار مغلوطة عن العلاقات الاجتماعية، فإن ذلك يساهم في تشكيل وعي مشوّه لدى المشاهدين.

الخبيرة الاجتماعية د. نسرين الشناوي أكدت أن:
“الدراما ليست مجرد ترفيه، بل هي وسيلة رئيسية لتشكيل وعي المجتمع. الأعمال التي تُكرّس العنف والتمييز ضد المرأة تساهم في تعزيز هذه الأفكار على أرض الواقع، وهو أمر بالغ الخطورة.”

هل حان وقت المحاسبة؟

بعد كل هذه الانتقادات، يبقى السؤال: إلى متى ستظل مثل هذه الأعمال تُعرض دون أي رقابة حقيقية؟ وهل يجب أن يُترك المجال لحرية الإبداع المطلقة دون مراعاة تأثيره على المجتمع؟

البعض يرى أن الحل يكمن في فرض معايير أكثر صرامة على المحتوى الدرامي، خاصة في شهر رمضان، لضمان تقديم أعمال تحترم القيم الدينية والاجتماعية. بينما يرى آخرون أن الجمهور وحده هو القادر على محاسبة صناع المحتوى عبر مقاطعة الأعمال التي لا تحترم ذوقه وثقافته.

ختامًا: دراما تُحسب بالأرقام أم بالقيم؟

قد يحقق "إش إش" و"سيد الناس" نسب مشاهدة مرتفعة، لكن هذا لا يعني أنهما نجاح فني أو أخلاقي. فالأعمال الدرامية ليست مجرد أرقام وإعلانات، بل هي مسؤولية تجاه المجتمع والثقافة والقيم.

وإذا كان محمد سامي يرى أن الهجوم عليه "حملة منظمة"، فإن الحقيقة هي أن الدراما الجيدة لا تحتاج إلى تبرير، بل تفرض نفسها بجودتها واحترامها لعقل المشاهد.

فهل يستمر محمد سامي في تجاهل النقد، أم يراجع حساباته قبل أن يفقد جمهوره؟