عادات وتقاليد ”غريبة” ارتبطت بشهر رمضان لدى الشعوب

يرتبط شهر رمضان بالعديد من العادات والتقاليد التي حافظت عليها الشعوب على مدى مئات السنين، والتي خلقت مكانة اجتماعية واضحة للشهر الكريم، بجانب ما يتمتع به في الأساس من قدسية دينية وروحانية يشعر بها المسلمون خلال أيامه.
ويحتفل كل بلد عربي وإسلامي بطقوس متشابهة لا تفرق بين لغة أو عرق، وتطغى حلة من البهجة والاحتفال في رمضان وتعم مختلف الدول العربية والإسلامية، حيث تتشارك غالبية المدن الإسلامية في رمضان، باجتماعات العائلة والأحبة على موائد الإفطار، والسهر والتسامر حتى ساعات السحور، والاجتماع في المساجد لصلاة التراويح وقيام الليل وختم القرآن، ونشر الزينة والأضواء والخيم الرمضانية.
ومع تنوع الثقافات والموروثات الشعبية تظهر عادات غريبة تعبر عن روح شهر رمضان والابتهاج به في شتى الدول، ويتميز كل بلد بعادات وتقاليد تختلف عن غيره من المدن، التي لا يزال يحافظ أبناؤها عليها خلال الشهر الكريم حتى الآن.
وتستعرض "اقرأ الخبر" في التقرير التالي أغرب عادات وتقاليد الشعوب في رمضان:
السودان
اعتاد سكان السودان على تجديد أواني الطعام قبل شهر رمضان الكريم، لكن أكثر ما هو غريب أن الإفطار يجب أن يكون جماعيًا في ساحات واسعة، حيث تجتمع كل الأسر في ساحة واحدة للإفطار معًا.
ويحتفل أهل السودان بيوم يسمى بـ "الرحمتات"، الذي يقع في آخر يوم خميس من شهر رمضان، ويقومون بذبح الذبائح أو شراء اللحوم التي تطبخ وتقدم مع الأرز للأطفال والمحتاجين لتكون صدقة عن أرواح الأموات. ويقدم هذا الطبق مع عصير البلح السوداني، الذي كان يقدم فيما مضى في أكواب فخارية تسمى (الكنتوش)، ومن أشهر أطباق رمضان في السودان العصيدة السودانية ومشروب "الحلو مر" الذي يميز هذه البلاد.
العراق
اشتهرت في العراق لعبة "المحيبس" الشعبية، ورغم أنها تمارس فقط في شهر رمضان، إلا أنها من أشهر الألعاب العراقية، وأثناء لعب "المحيبس"، يجتمع فريقان من أبناء الحي، وقد يضم كل فريق عشرات أو حتى مئات اللاعبين، ويقوم لاعب في أحد الفريقين بإخفاء خاتم في يده، ثم يرفع جميع لاعبي الفريق أيديهم المغلقة في الهواء، وعلى لاعبي الفريق الثاني تخمين في أي يدٍ يقع الخاتم من خلال قراءة الوجوه وردات الفعل وحركات كل اللاعبين.
باكستان
تشتهر باكستان، وبالأخص مدينة "بيشاور"، بإقامة حفل عُرس للأطفال الذين يستعدون للصوم للمرة الأولى خلال شهر رمضان، وذلك لتشجيعهم على الاستمرار في ذلك.
وبخلاف العُرس، تشهد أيضًا المدينة مسابقة "حـرب البيض المسلوق"، والتي تقام على مدار شهر رمضان، وتبدأ منافساتها في المساء وتنتهي مع السحور، وهي تعتمد على إمساك أحد المتسابقين ببيضة مسلوقة ومحاولة ضـرب أخرى في يد الخصم لكسرها.
الصين
ويتبع المسلمون في الصين طقوسًا اجتماعية ودينية ثابتة خلال الشهر الكريم، حيث يحرص مسلمو الصين على عدم تناول طعام الإفطار إلا بعد أداء صلاة المغرب، ومن المتعارف عليه أن يتم تناول ثمرة تمر مع كوب من الشاي المُحلى بالكثير من السكر، كما يحرص الصينيون على ألا تخلو المطابخ الإسلامية الصينية من الكعك والحلويات المحلية، كما يحرص البعض في عادة غريبة نوعًا ما على ضرورة الإفطار بالبطيخ الأحمر قبل الذهاب للمسجد للصلاة.
تركيا
بمجرد ثبوت رؤية الشهر الكريم، تنطلق الزغاريد في كل بيت لتعبر عن هذه الفرحة بالبشرى التي زفت إليهم ببدء الصوم في اليوم التالي، ويبدأ السكان برش ماء الورد والعطور على أعتاب أبواب المنازل وفي الحدائق المحيطة بالمنازل طيلة أيام رمضان الكريم، وتعتبر من العادات المتوارثة عبر الأجيال هناك، كما تبدأ السيدات كبار السن في تجهيز أول سحور رمضاني، الذي لا بد أن يشمل على الملبن التركي الشهير، ويعتبر من أكثر الأكلات التي يتم توزيعها في الشوارع احتفالًا بشهر رمضان الكريم.
ومن العادات التي اشتهرت في تركيا أثناء رمضان أيضا هي ما يسميه الأتراك بـ "المحيا"، وهو إنارة مآذن المساجد منذ وقت المغرب حتى وقت الفجر.
كما يقدم الرجل التركي خطابًا لزوجته خلال شهر رمضان، يجدد فيه ولاءه لبيته وأسرته، وهو يتضمن اعتذارًا عن أي مشكلات عاشتها الأسرة، ثم تقدم له الزوجة سوارًا فضيًا، تعبيرًا منها عن محبتها وإخلاصها له.
وبجانب هذه العادة، يحافظ جزء كبير من الأتراك على تقليد يتمثل في وضع خاتم داخل إحدى كرات الكفتة الشهيرة، ثم يكون من نصيب من يعثر عليه أثناء تناول الإفطار.
لبنان
تجول الفرق الصوفية في شوارع المدن اللبنانية وهي تنشد الأناشيد الدينية والأشعار والمدائح النبوية للترحيب بشهر رمضان، وهذا تقليد يعود إلى مئات الأعوام.
المغرب
من العادات الشائعة في المغرب أثناء رمضان انتعاش بعض المهن الشعبية، والتي تشكل مصدر دخل يومي للأسر محدودة الدخل، فيتوقف الحرفيون عن بعض المهن ويستبدلونها بمهنة إعداد وبيع الخبز والحلويات وغيرها من الأطعمة التي يكثر عليها الطلب، مثل الأجبان والبيض، ويطول السهر خلال شهر رمضان في المغرب، حيث يكون الشاي المغربي "ملك" السهرة ومن أشهر المشروبات التي يتلذذ بها المغاربة.
ويقوم أهل المغرب بضرب النفير 7 مرات للسحور بمجرد التأكد من ظهور هلال رمضان، لتنطلق ألسنة الناس بالتهنئة بجملة "عواشر مبروكة" أي أيام مباركة مع دخول شهر الصوم بعواشره الثلاثة: عشر الرحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النار.
السعودية
تتنشر في السعودية خلال شهررمضان خيم إفطار الصائمين، وخصوصاً العمال من الجاليات الآسيوية، وتكثر موائد إفطار الصائمين بالقرب من المساجد، وتقوم جهات خاصة أو مجموعة من العائلات بتوفير الطعام في هذه الخيام، كما ينتشر الشباب في الشوارع وعلى إشارات المرور لتوزيع التمر والماء على الصائمين، في الشوارع عند حلول وقت المغرب.
اليمن
تجتمع العوائل اليمنية في الأرياف لتناول الإفطار في أفنية المساجد، وقد تقوم كل عائلة بجلب طعامها معها أو توزع العوائل الميسورة الحال الوجبات على الناس في المساجد المجاورة، ويتجه الناس بعد الإفطار إلى المجالس التي تسمى بـ"المقايل"، حيث يمتد السهر إلى آخر ساعات الليل.
تونس
يحمل شهر رمضان مكانة كبيرة في قلوب التونسيين، ففي الثقافة التونسية، تعد الخطبة أو الزواج في رمضان بركة على الزوجين، لهذا تنظم حفلات الخطبة للعازبين الراغبين بالزواج خلال النصف الأول من الشهر، وفي الليلة الـ27 من الشهر، يقوم الخطيب بإهداء خطيبته هدية عربوناً للمحبة، ويسمى هذا اليوم بـ "الموسم".
سوريا
اشتهر رمضان في سوريا عموماً ودمشق خصوصاً بالحكواتي الذي يجلس في القهوة الشعبية ليسرد القصص والملاحم والشعبية على مسامع مرتادي القهوة، مثل قصص عنترة بن شداد والزير سالم وأبو زيد الهلالي، ويجتمع مرتادو المقاهي لسماع تطورات القصة ولقاء الأحبة.
الكويت
تنتشر في المنازل الكويتية المجالس، تسمى "الديوانية"، ويجتمع فيها الأهل والأقارب والأصدقاء للتواصل والسمر والتحدث في شتى المواضيع، كما ينتشر ما يسمى بـ "الغبقة الرمضانية"، وهي عبارة عن وجبة تقع بين وقت السحور والفطور، وتعبر عن كرم الضيافة،ويقوم مرتادو الغبقة بارتداء الملابس التقليدية لإبراز الجانب التراثي، وفي بعض الأحيان، قد تستبدل الغبقة التي تقام في المنازل بالولائم التي تقام في الخيم الرمضانية.
البحرين
يرتبط الاحتفال بشهر رمضان في البحرين بمجموعة من الأغاني والأهازيج التي يغنيها الأطفال في مختلف أنحاء الجزيرة. ففي أول الشهر، يقوم الأطفال بغناء الأغنية الشعبية "حياك الله يا رمضان"، ويدقون الطبول التي صنعوها بأنفسهم باستمعال مواد منزلية، أما في منتصف الشهر، تنتشر أناشيد "القرقاعون"، و يرتدي الأطفال ملابس تقليدية وينتشرون بين البيوت لجمع الحلوى والهدايا، وتشترك جميع الفئات العمرية في وداع رمضان، إذ تخرج العديد من الفرق الشعبية والشبابية لغناء أغاني الوداع التراثية في الشوارع الشعبية.
الكاميرون
يحرص المسلمون في الكاميرون على ترك أبواب البيوت والشقق مفتوحة، وذلك في إطار تقليد قديم في شهر رمضان المبارك لاستقبال أي صائم أدركه الأذان قبل أن يتمكن من الوصول إلى بيته.
نيجيريا
من العادات المتعارف عليها في نيجيريا خلال شهر رمضان، عدم إفطار أي أسرة مسلمة بمفردها، حيث يتم تجميع الطعام الذي تم طهيه في كل منزل وإقامة موائد مقسمة بين الرجال والنساء أمام أحد منازل العائلات المسلمة، وتحرص كل أسرة على استضافة أحد الفقراء يوميًا على مائدة الإفطار، كنوع من التكافل الاجتماعي خلال شهر رمضان.
إندونيسيا
تحرص إندونيسيا دومًا على استقبال شهر رمضان بقرع طبول "البدوق"، وهي طبول تراثية ضخمة يتم قرعها أثناء استقبال الشهر الكريم وقبيل أذان المغرب مباشرة، إيذانًا بحلول موعد إفطار الصائمين.
موريتانيا
ربما يمتلك شعب موريتانيا، العادة الأغرب بين الجميع، إذ يحلق الرجال في موريتانيا رؤوسهم قبل الشهر الفضيل بأيام، حتى يتزامن نمو الشعر الجديد مع نهاية الشهر، وتسمى هذه العادة باسم "زغبة رمضان" أو "شعر رمضان"، وهي عادة تمزج بين الثقافتين العربية والإفريقية، وترتبط عادة حلق الرأس عند الشعوب الإفريقية بغرض زيادة الرزق وزوال الهم.
كذلك يتم الاحتفال بالأعراس خلال شهر رمضان تفاؤلًا به، على عكس ما يحصل في معظم الدول الإسلامية حول العالم، ومن أفضل العادات رغم صعوباتها هي العادة التي يقوم بها الشعب الموريتاني، إذ يحرصون على قراءة القرآن الكريم كله في ليلة واحدة.