أسعار النفط تتراجع بشكل حاد مع تصاعد الحرب التجارية

واصلت أسعار النفط التراجع الحاد، لتسجل أدنى مستوياتها في أربع سنوات، مدفوعة بتفاقم الحرب التجارية التي تهدد بتقويض الطلب العالمي على الطاقة. وبينما يترقب المستثمرون دخول موجة جديدة من الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، انخفض خام "برنت" بنسبة 4% ليقترب من مستوى 60 دولاراً للبرميل، في حين واصل خام "غرب تكساس الوسيط" التراجع للجلسة الخامسة على التوالي.
على الرغم من أن البيت الأبيض أبدى استعداداً لإبرام اتفاقات مع بعض الشركاء التجاريين، فإن سياسة الرد بالمثل بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، تصاعدت، ما أثار مخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود.
القرارات وتأثير "أوبك"
منذ بداية العام، تراجعت أسعار النفط بنحو 20% نتيجة للنهج التجاري المتشدد الذي يتبناه الرئيس الأميركي ترامب، والذي قلص شهية المستثمرين للأصول عالية المخاطر. هذه التحولات السريعة في الأسواق دفعت النفط للانضمام إلى سلع أخرى في موجة هبوط حادة. كما أن قرارات تحالف "أوبك+" بتخفيف القيود على المعروض النفطي بشكل أسرع من المتوقع أثارت القلق من أن العرض قد يتجاوز الطلب.
قال وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في بنك "آي إن جي" في سنغافورة: "تصعيد الرسوم الجمركية يُضعف آفاق نمو الاقتصاد العالمي، ويزيد من مخاطر تراجع الطلب على النفط. ومع غياب مؤشرات على التهدئة، تبقى المخاطر مائلة نحو الهبوط".
الرسوم الجمركية والانتقام الصيني
يواصل ترامب دفعه لفرض رسوم جمركية أعلى على نحو 60 شريكاً تجارياً، ويدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ بعد منتصف الليل بتوقيت نيويورك. الأهم من ذلك، أن ترامب يعتزم المضي قدماً في فرض رسوم تصل إلى 104% على العديد من السلع الصينية، ردًا على تعريفة مضادة من بكين.
في هذا السياق، أشار روبرت ريني، رئيس أبحاث السلع والكربون في بنك "ويستباك"، إلى أنه إذا لم ترد الصين بجولة جديدة من الرسوم الانتقامية، فمن المحتمل أن يظل برنت فوق مستوى 60 دولاراً. ومع ذلك، إذا تصاعد النزاع، فقد يشهد السوق تراجعاً إضافياً دون هذا المستوى.
توجهات السوق وآثار التضخم
تشير مؤشرات السوق إلى تدهور سريع في التوازن، حيث يظهر اتساع الفارق بين عقود "برنت" لتسليم ديسمبر المقبل والعقود الخاصة بشهر ديسمبر 2026. هذا الوضع يشير إلى حالة "كونتانغو"، وهي نمط سوقي يعكس التفاؤل المحدود، حيث تتداول العقود قصيرة الأجل بسعر أقل من العقود طويلة الأجل.
ورغم أن زيادة الرسوم الجمركية من قبل ترامب والدول الأخرى قد تساهم في رفع أسعار السلع وتزيد من معدلات التضخم، إلا أن انخفاض أسعار النفط، إلى جانب تراجع أسعار مشتقات مثل الديزل، قد يخفف من هذه الضغوط. فعلى سبيل المثال، تراجعت العقود الآجلة للبنزين الأميركي بنحو 15% حتى الآن في شهر أبريل.