اقرأ الخبر

وجدان عبدالرحمن يكتب: 2025 عام الأزمات الكبرى في طهران

الإثنين 10 مارس 2025 03:13 مـ 10 رمضان 1446 هـ
وجدان عبدالرحمن الباحث السياسي المختص في الشأن الإيراني و قضايا الشرق الأوسط
وجدان عبدالرحمن الباحث السياسي المختص في الشأن الإيراني و قضايا الشرق الأوسط

منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، شهدت البلاد تقلبات سياسية واقتصادية وأمنية عديدة، إلا أن عام 2025 يُعد الأكثر تعقيدًا، حيث تواجه إيران أزمة شاملة وغير مسبوقة على المستويين الداخلي والخارجي، مما وضع النظام في مأزق حقيقي.

فقدان النفوذ الإقليمي

إحدى أبرز تداعيات الأزمة الحالية هو تراجع النفوذ الإيراني في عدد من الدول التي كانت تعتمد فيها طهران على جماعات مسلحة موالية لها، والتي شكلت أدوات ضغط سياسية وعسكرية قوية. ضعف هذه الجماعات أو انحسار دورها أدى إلى تقليص قدرة إيران على المناورة إقليميًا، مما أضعف موقفها في المواجهة مع خصومها.

أزمة اقتصادية خانقة

على الصعيد الداخلي، تعيش إيران أزمة اقتصادية حادة رغم امتلاكها موارد كبيرة من النفط والغاز. ويعاني المواطنون من نقص حاد في الطاقة، فضلًا عن الجفاف الذي تسبب في عجز الدولة عن توفير مياه الشرب في بعض المناطق، إلى جانب الانقطاعات المتكررة للكهرباء. كما سجلت العملة الإيرانية انهيارًا تاريخيًا، مما أدى إلى تفاقم معدلات الفقر والبطالة، وتصاعد الغضب الشعبي.

تصعيد دولي وتهديدات أمريكية – إسرائيلية

المشهد الدولي يزداد تعقيدًا، لا سيما بعد عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. فمنذ توليه المنصب مجددًا، لم يُخفِ موقفه العدائي تجاه طهران، ملوّحًا بإمكانية استهداف منشآتها النووية والعسكرية. وجاء هذا التوتر في ظل تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أعلن رفضه القاطع لأي مفاوضات مع الولايات المتحدة، ما عزز احتمالات التصعيد العسكري.

احتجاجات داخلية وتمرد اجتماعي

على المستوى الداخلي، تشهد إيران احتجاجات شعبية متزايدة، تقودها فئات واسعة، وعلى رأسها النساء. ويُعتبر التمرد على قوانين فرض الحجاب تحديًا مباشرًا لركائز النظام الإسلامي، مما يعكس تغيرًا جوهريًا في المزاج الشعبي الإيراني. ومع استمرار هذه الاحتجاجات، تزداد المخاوف من زعزعة استقرار النظام.

الحوثيون.. الورقة الأخيرة بيد طهران

في ظل هذا التراجع الإقليمي، تبدو جماعة الحوثيين في اليمن آخر أوراق الضغط التي تحتفظ بها إيران، إذ تسعى طهران إلى استخدامها في تهديد المنطقة وخلق حالة من عدم الاستقرار. ومع ذلك، فإن الردود العسكرية القوية، خاصة من جانب إسرائيل، قد تجعل الجماعة تواجه نفس مصير الفصائل الأخرى التي تراجعت قدرتها على تنفيذ عمليات كبيرة.

التفاهم الروسي – الأمريكي.. ضربة غير مباشرة لإيران

إحدى المتغيرات المهمة في عام 2025 هو التقارب المتزايد بين روسيا والولايات المتحدة. فإدارة ترامب، التي تضع الصين على رأس أولوياتها في المواجهة الجيوسياسية، تسعى إلى تحييد الدول التي تدعم بكين، وعلى رأسها إيران. في هذا السياق، يبدو أن واشنطن مستعدة لتقديم امتيازات استراتيجية لموسكو، قد تشمل ملفات مثل أوكرانيا، مقابل تقليص الدعم الروسي لطهران.

من أبرز مؤشرات هذا التقارب، هو سماح واشنطن للرئيس الأوكراني بحضور قمة تستضيفها السعودية، في خطوة قد تندرج ضمن ترتيبات إعادة توزيع النفوذ في المنطقة. وإذا استمرت هذه الديناميكية، فقد تجد إيران نفسها في موقف أضعف دبلوماسيًا واقتصاديًا، مع تراجع الدعم الروسي، واحتمال فرض مزيد من الضغوط على قطاعي النفط والغاز.

مستقبل النظام الإيراني على المحك

عام 2025 يُعد الأصعب على النظام الإيراني منذ عقود، إذ تتراكم التحديات من كل الاتجاهات: تراجع النفوذ الإقليمي، انهيار اقتصادي داخلي، تصاعد التهديدات العسكرية، واحتجاجات شعبية غير مسبوقة.

وفي ظل عزلة دبلوماسية متزايدة، تبدو إيران على مفترق طرق حاسم، حيث قد تكون المرحلة المقبلة مصيرية في تحديد مستقبلها.