رحيل أنطوان كرباج… أسطورة المسرح اللبناني يودّع الحياة عن 89 عامًا

ودّع لبنان أحد عمالقة المسرح والدراما، أنطوان كرباج، الذي رحل عن عالمنا مساء الأحد عن عمر ناهز 89 عامًا، بعد صراع طويل مع مرض ألزهايمر أبعده عن الأضواء لكنه لم يمحُ إرثه الفني الخالد. توفي كرباج في “بيت القديس جاورجيوس”، دار المسنين التابعة لمطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، حيث كان يقيم منذ عام 2020 بسبب حاجته إلى رعاية طبية متخصصة.
نجم سطع في سماء المسرح اللبناني والعربي
وُلِد أنطوان كرباج في سبتمبر 1935 في قرية زبوغا بمنطقة المتن الشمالي، وبدأت موهبته التمثيلية تتجلى منذ سنوات شبابه الأولى. تألّق على خشبة مسرح الجامعة في أواخر الخمسينيات، ثم صقل موهبته في معهد المسرح الحديث التابع لمهرجانات بعلبك الدولية تحت إدارة منير أبو دبس، ليصبح أحد روّاد المسرح اللبناني والعربي.
الرحبانيّون وكرباج… شراكة صنعت التاريخ
برغم تألقه في المسرح الإغريقي وأعمال شكسبير، إلا أن تعاونه مع الأخوين رحباني شكّل نقطة التحوّل الكبرى في مسيرته. أصبح كرباج واحدًا من أبرز نجوم المسرح الرحباني، مقدّمًا أدوارًا محفورة في الذاكرة، منها:
• “فاتك المتسلط” في جبال الصوان (1969)
• “المهرب” في يعيش يعيش (1970)
• “الوالي” في صح النوم (1971)
• “الملك غيبون” في ناطورة المفاتيح (1972)
• “القائد الروماني” في بترا (1977)
وفي 2004، عاد إلى المسرح الرحباني بمسرحية “حكم الرعيان”، تلاها مشاركته في زنوبيا (2007) وعودة الفينيق (2008).
من المسرح إلى التلفزيون… أيقونة الدراما اللبنانية
لم يقتصر إبداع كرباج على المسرح، بل كان نجمًا بارزًا في التلفزيون، حيث قدّم أدوارًا أسطورية تركت بصمتها في وجدان الجمهور، أبرزها:
• “جان فالجان” في البؤساء (1974)
• “المفتش” في لمن تغني الطيور (1976)
• “بربر آغا” في المسلسل الشهير بربر آغا (1979)
وفي السينما، تعاون مع كبار المخرجين، وشارك في أفلام مثل نساء في خطر (1982) والصفقة (1984).
“ممثل عالمي”… برؤية نقّاده وزملائه
رأى فيه المسرحي رفعت طربيه ممثلًا استثنائيًا، قائلًا: “كان يتمتع بقلب طفل في التعامل، لكنه عملاق على المسرح بحضوره الهائل وصوته المذهل”. فيما وصفه الصحافي ميشال معيكي بأنه “الصوت الهادر في مسرح الرحابنة، وأحد أعمدة المسرح اللبناني”.
الوداع الأخير… والفن يفتقد أحد عمالقته
مع تدهور حالته الصحية، انسحب كرباج تدريجيًا من المشهد الفني، إلا أن إرثه بقي حاضرًا. وعند إعلان خبر رحيله، ضجّت منصات التواصل الاجتماعي برسائل التعزية، حيث نعاه الفنانون والجمهور بكلمات تعبّر عن الحزن لفقدان أحد أعمدة المسرح اللبناني.
وصفه وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة بأنه “صرح من صروح المسرح اللبناني في عصره الذهبي”. واليوم، بعد عقود من الإبداع، يُسدل الستار على حياة أنطوان كرباج، لكن صوته وأداؤه وأدواره ستظل حيّة في ذاكرة المسرح والدراما العربية.